عندما نسافر في العطلات أو في رحلة عمل أو ننتقل إلى مدينة أخرى، نحمل دائمًا معنا الضروريات فقط. وكيف لنا الاستغناء عنها؟ تخيّلوا الحياة من دون إكسسوارات مهمة مثل الحقائب والصناديق السفرية. ومع ذلك، فقد وُجدت في تاريخ البشرية فترات كانت الحياة فيها كذلك. كان أول نموذج أولي للحقيبة هو الصندوق/البَول الذي ظهر لأول مرة في العصر الكلاسيكي بمصر القديمة قبل نحو 3,5 آلاف سنة. كان عبارة عن صندوق خشبي مزخرف بنقوش ورسوم، بغطاء قابل للإزالة وأقفال كبيرة.

استخدم الإغريق القدماء صناديق مشابهة لحفظ ملابسهم. وفي حياتهم اليومية امتلكوا أيضًا صناديق أمان محمولة من الخشب أو البرونز بنقوش بارزة، لنقل المجوهرات والعملات والتذكارات العائلية. كانت تلك الأَسْرَّة/الصناديق أشبه بما نعرفه اليوم بحقيبة سفر مزودة بقفل. وقد اعتبر الشعوب القديمة الصندوق شيئًا مقدسًا يحفظ قصص العائلة وأسرارها؛ لذا يَرِد ذكره كثيرًا في الأساطير. فمثلاً تحكي الأسطورة اليونانية عن باندورا—أول امرأة خُلقت بأمر من زيوس—عن صندوق محظور فتحته بدافع الفضول فأطلقت إلى العالم المصائب والكوارث.

في العصور الوسطى ظهر نوع من الصناديق على هيئة صندوق-خزانة مع غطاء رئيسي تعلوه مساحة مخفية ذات غطاء أصغر لحفظ المتعلقات الثمينة.

كما وُجد صندوق الوسادة—وهو صندوق صغير للعملات ذو غطاء مائل—وكان لا غنى عنه لرحلات التجار لأنه يحوي أشياء قيّمة وكان يُوضَع تحت الرأس أثناء الاستراحة.

تطور الصندوق… وكيف أصبح حقيبة سفر

ظهر أول نموذج أولي للحقيبة في منتصف القرن التاسع عشر. بدأت القصة عام 1837 حين وصل لويس فويتون—فَتًى في السادسة عشرة وابن نجّار—إلى باريس وتدرّب لدى المعلم مارشال صانع صناديق السفر وقبعاتها.

تعلّم المتدرّب الموهوب بسرعة تقنيات صناعة الصناديق. وبعد خبرة طويلة قرر إنشاء مشروعه الخاص؛ فافتتح في 1854 أول ورشة له في باريس بشارع Rue Veuve de Capucines تحت اسم «Louis Vuitton: Malletier à Paris». وبفضل أفضل المواد وجودة التشطيب اشتهرت صناديقه لدى نخبة فرنسا، ثم أصبح صانع الحقائب الخاص بالإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث.

في 1858 ابتكر فويتون تحفته الثورية—صندوقًا مسطحًا يُدعى Trianon—أشبه ما يكون بحقيبة اليوم.

كان الصندوق خفيفًا ومحكم الإغلاق ومغطى بقماش مقاوم للماء، وللمرة الأولى يُفتح من الجانب. قبل ذلك كانت الصناديق بغطاء مقوّس فلا يمكن تكديسها أثناء النقل.

بالطبع لم يكن النموذج الأولي عمليًا بالكامل: كانت له مقابض جانبية ويتطلب حمله شخصين من الحمالين—ترف لا يقدر عليه الجميع!

في منتصف القرن التاسع عشر ومع توسع السكك الحديدية في الولايات المتحدة، ظهرت الحاجة إلى أمتعة تحملها شخص واحد. عندها ظهرت أول «حقيبة سفر» (Sac Voyage): حقيبة واسعة تشبه الكيس بمقبض واحد أو اثنين. صُنِعت النماذج الأولى من قطع السجاد القديمة ومنها جاء اسم Carpet Bag.

كانت أخف وأريح من الصندوق الضخم لكنها تتلف بسرعة، لذا اتجه الصنّاع لاحقًا إلى الجلد الأكثر متانة وأضافوا أقفالًا لزيادة الأمان، وأقبل عليها الميسورون لحمل المتاع والمال.

ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، ومع موجات الهجرة بين القارات، ظهر حلّ هجين بين الكيس والصندوق: حقيبة صغيرة صلبة بجدار قاسٍ ومقبض واحد.

حقائب في «United Watch Catalogue», 1911

في 1910 أسّس جيسي شويـدر شركة Schwayder Brothers وبدأ عهد الحقيبة الاقتصادية ذات التفاصيل المبتكرة.

إعلان حقيبة Schwayder Brothers

في الثلاثينيات صُنعت حقيبة Samson بهيكل خشبي ومقبض قوي وتنجيد قماشي وأقفال آمنة.

وفي 1941 ظهر طراز Streamlite بغطاء من ألياف مُفلكنة. لاحقًا تغيّر اسم الشركة إلى Samsonite وأصبحت منتجاتها تحمل هذا الاسم الشهير حتى اليوم.

حقيبة «المكتبة» لإرنست همنغواي (1923)


حقيبة-خزانة السيدة دوناهو (1936)

كيف حصلت الحقيبة على عجلات

في 1972 كان موظف «United States Luggage» برنارد ديفيد سادو وزوجته عائدين من أرُوبا بالكاد يجرّان حقيبتين ثقيليتين عند جمارك بورتوريكو. عندها خطرت له فكرة حقيبة بعجلات. بعد عودته ثبت أربع عجلات أسفل الحقيبة ومرّر حزامًا عبر المقبض. رغم براعته رفضه المصنعون طويلًا حتى قبلته شركة Macy’s.

حقيبة بعجلات بمقبض سحّاب

لم تتخذ الحقيبة الشكل المعروف اليوم إلا أواخر الثمانينيات، حين ابتكر طيار Northwest Airlines روبرت بلاث حقيبة بعجلتين وجيب جانبي يخفي مقبضًا معدنيًا سحابًا. في 1989 سجّل براءة «حقيبة بعجلات بمقبض قابل للسحب» وسميت Rollaboard، وأسس شركة Travelpro. كان الطلب هائلًا: حققت الشركة 1.5 مليون دولار في عامها الأول ثم 50 مليونًا سنويًا بعد عقد.

تصميم وأسلوب الحقائب الحديثة والعلامات الإيطالية

تشتهر إيطاليا بفنانيها ومصمميها. ومن أبرز الشركات المتخصصة في حقائب السفر الأنيقة عالية التقنية Bric’s الإيطالية، المعروفة بأناقة منتجاتها وجودة موادها وتشطيباتها.

من أحدث ابتكارات Bric’s مجموعة Bellagio المصنوعة من بولي كربونات Makrolon® المتين عالي التقنية والمكسو بجلد توسكان حقيقي.

تتميز هذه الحقائب بقفل مزدوج: مفتاح وكود مع وظيفة TSA التي تسمح بالتفتيش الأمني دون إتلاف القفل بفضل مفتاح رئيسي لدى إدارة أمن النقل الأمريكية.

كما تأتي بسحّاب دائري وأربع عجلات بتقنية يابانية تدور 360° بانسيابية، مع غلاف مطاطي يوفر هدوءًا وراحة أثناء السحب.

وليس هذا فحسب! فاليوم تتضمن الحقائب منافذ USB خارجية متصلة ببطارية Power Bank داخلية لشحن الهواتف والأجهزة.

إنها بالفعل حقيبة «سحرية»!

ولعشّاق الطراز الريترو، قدّمت العلامة الإيطالية The Bridge خطًا خاصًا باسم The Bridge Story يستعيد أساليب القرن التاسع عشر وبدايات العشرين: كيس سفر جلدي، حقيبة كلاسيكية بأحزمة، حقيبة بهيكل خشبي مكسو بالجلد على طراز الثلاثينيات، علبة سجائر فاخرة، حقيبة طبيب، قبّعة السفر، حقيبة-خزانة، وصندوق سفر.

في هذه الإكسسوارات تجمع The Bridge تناغمًا مثاليًا بين التصميم العتيق والمواد المتقدمة—كلاسيكيات خالدة وفريدة في آن. مع The Bridge نعود إلى حيث بدأ كل شيء!